top of page
Search

الغربة

  • Writer: Farrah
    Farrah
  • Aug 30, 2018
  • 4 min read

الى كل تونسي عايش في الغربة وبعيد على دارهم, هاذي ليكم.


ماتغزش للوجه امّك وبوك كي تسلّم عليهم..

هذا شنوّة وصاوني قبل ما نمشي, رُد بالك تغزر للعينيهم.. خاتر هاكي آخر حاجة باش تشوفها, آخر حاجة باش تفكّرك فيهم.. وحتى حد مايحب يتفكّر عايلتو وعينيهم بالدموع.


نهار 26 جانفي قصدت ربّي. أختي قامت بالذمّة باش تسلّم عليّا. مازلت نتفكّر آخر مرّة غزرْلتها. أنا خارجة من باب الدار.. تلفّتْ ورايا, نشوف فيها تبيّعلي وهي داخلة للبيت النوم.. في اللّحظة هاكي حبيت الدنيا تاقف حتى سويعة من زمان، باش نزيد نقعد معاها أكثر. أما الدنيا ما عمرها ما تاقف, الوقت يجري, وأنا معادش عليا بكري ولازمني نمشي.

وصلنا للمطار. جاء الوقت اللّي لازمني نمشي فيه, سلّمت على أمي, بابا, وصاحبتي.. ماغزرْت للحتّى حد في عينيهم كيفما وصاوني, وقالولي ما تتلفّتش وراك كي تمشي.. سلّمت عليهم والغصّة في قلبي.. دخلت نجري باش ما نوريهمش اللي انا قريب نبكي, شديت دموعي ومشيت من غير ما نتلفت ورايا.

أما طلعت نسيت السّاك متاعي عند بابا, رجعت نجري خذيتها ومشيت وعينا من القاع ماطلعتهمش.


وحدي في الديوانة, نغزرْ للباسبور الأخضر, للفيزا, نتصفّح في الباسبور تقول أوّل مرة نراه, هذا الكل باش ما نخمّمش في أمي اللي خليتها في حاله عليّا.


ركبت في الطيارة, عرفت روحي مانيش راجعة على قريب, عرفت اللي ولد أختي باش يكبر بعيد عليا. اللي رمضان, العيد الكبير والصغير وعيد ميلادي وأعياد ميلادهم الكل باش نعدّيهم وحدي, اللي كي باش نمرض حتى حد ماهو باش يقوم بيا. جانتي غصّة مرّة أخرى في قلبي, أما المرّة هاذي بكيت. بكيت وحبيت نرجع منين جيت.

أما أنا مانيش راكبة في تاكسي باش نقلو هبّطني هوني, مانيش راكبه في ترينو وإلا ميترو باش ناقف في المحطة الجاية. ما عادش فما رجوع. مافماش هروب ولازمني نتقبل الأمر.


وصلت, مافمّه حد يستنا فيا. هاذي مش كيفما أي مرّة, ماكش باش تلقا أختك شادة نوارة وتستنّا فيك. ماكش باش تلقا داركم يعيطولك من بعيد والفرحه غامرة عينيهم.

وحدي في بلاد مانعرف فيها كان كلمة عسلامه..

____________________________________________________

أشهرة تعدّاو, العبد بدا يستانس.

تبدا تلاحظ في الفرق, وتقارن بين بلادك والبلاد اللي انت عايش فيها. تحس اللي عملتو صحيح واللي باش تعيش أحسن مغامرة في حياتك, تحس اللي الدنيا ضحكت في وجهك, ورتحتّك من تونس.

- "شوف محلاها البلاصة. شوف كيفاه يعاملو في بعضهم, شوف محلاهم الديار والبَنِـي متاعهم. شوف قداه يحبو بعضهم"

تبدا تحاول تقلّد فيهم؛ كيفاش يحكيو, كيفاش يلبسو وشنوة ياكلو..تولي تتصرّف كيفهم وتحب تحكي لغتهم..


أما في بلاصة ما تقدّم خطوة القدام, تلقا روحك وخرت 10 التالي..

ما تحسّش روحك مرتاح, بدنك في بلاصه, وقلبك في بلاصه أخرى. تحس اللي قد ما تحاول باش تقلّدهم ماكش باش تكون كيفهم. ماك الاّ غريب في بلاد ماهيش بلادك.

تحسهم ماهمش عرب, ماهمش توانسة, وتبدا تقارن بينا وبينهم؛ التفدليك مش كيف. والعيشة مش كيف, والتصرفات مش كيف.. تبدأ تشك اللي عملتو صحيح والاّ لا, بعِدتْ على داركم، ومشيت وحطيت فلوسك على عباد لا يفهموك ولاهم قابلينك كيفما انت.

تبدا تلوّج فماش واحد تونسي أو أي شخص من جنسية عربية اخرى باش تاخو كليمة وتعطي كليمة. تي حتى في الكورة تولي تعشق بلادك وتحكي عليها نهار وليل ولو تبدا خاسرة ومروحة. تِكْبر الوطنية اللي فيك, ويوليلك نهار عيد كان واحد يسألك على تونس.


الأيامات مازالت تمشي وانت قاعد تتبدل, من غير ماتفيق.

صحابك اللي كنت انت وياهم راسين في شاشيّة عايشين حياتهم من غيرك, يخرجو من غيرك.. وأنت العين تشوف والقلب يدمع.. كيفاش كنت من عبد ماتكْمل الخرجة بلاش بيه, الى انسان اخر يتفكّروه كان في الأفراح و المسرات.

في الشهر الأوّل, يكلموك باش ما يحسّوكش بالغربة, الشهر الثاني يِـمرْكـيوك في تصاورهم ويقولولك "ياريتك كنت معانا", الشهر الثالث, الرابع, الخامس.. تشوف تصاورهم من غير لايكلموك ولا تكلمهم.

عايلتك اللي كانو مشاركينك لحظة بلحظة تولي تكلمهم كان نهار الأحد. الأيامات الكل تخدم, ومع فرق السّوايع يكونو هوما راقدين وأنت نهارك مزال كي بدا.


- "بَـيّـتْ التلفون في الشارج، بنتي باش تكلمني نهار الأحد" تحس روحك وليت تابعة اليومية، والاّ كيفما فياقة الصباح, والا سردوك الفجر.

- "بتني جاية نهار 16" تحس روحك وليت كيفك كيفما هلال رمضان, يطل مرة في العام, العائلة الكل تحكي عليه وتستنا فيه على أحر من الجمر.

- "فيبالك هاذيكا عرست وهاكي طلقت ومنجية خذات الباك على سابع مرة و علي عطار الحومة عمل زردة في طهور ولدو.." الحكايات هاذم الكل ملي كنت تحضر عليهم, ولاو يتّـحْكاولك في التلفون في دقيقتين من زمان.


قيمتك تتبدّل, حتى شيء مايبقا كيفما هو.. هو حتى شيء مايبقا أصلاً. وحتى كان رجعت, ماكش باش ترجع كيفما قبل.


تقوم, تمشي تخدم كل صباح, تحكي لغة مش لغتك, وتاكل ماكلة مش ماكلتك. وتتنفس هواء مش هواك. تمشي تدور وحدك في الshopping mall, كل بلاصة تمشيلها تبدا تستخايل في سيناريو كان جاو خواتك معاك..

تشري حاجات للعيلة, وتبدا تستخايل في ردة الفعل متاعهم كي باش يشوفوهم.. عينيك تدمع, تحب تبكي, أما مايجيش تبكي قدام الناس.. تخليها في قلبك, وتروح ترويهم الحاجات اللي شريتهم, أمك تقلك يابنتي يزّي ماعندكش فلوس, تجاوبها أنت عندك ولاباس.

مشْ صحيح, تلقاك في الجمعتين هاكم عايشة على فتفات خبز, جيعانة, متوحشة ماكلة أمك, أما قلبك دافي.


تقوم كل صباح, تخمم في اللي عملتو صحيح والا غالط, مهما تكون النتيجة.. في مخك تصويرة واحدة, تشوف عايلتك تستنا فيك في مطار تونس, والفرحة في عينيهم.

وهاذي هيّه الحاجة الوحيدة اللي تكون مصدر قوتك, الحاجة اللي تخليك تمشي تخدم وتكمل نهارك.


_________________________________________________________

تكلّم أمك وتقلها اللي انت جاي. أمّك من الفرحة تعمل زردة في الحومة, أسمع يالي تسمع بنتي جاية من الخارج! تقلّـك شنوة شاهية بنتي وتولي تخمم في اش باش تطيب شهرين القدام.

و أنت؟.. تحس الوقت بمشي بالشوية, عامل عليك بالعاني, الأيامات تُرزن, وقتاش يجي نهار السّعد, وتولي تحسب بالدقيقة والدرج وقت المرواح.


نهار السّعد يجي, حوايجك الكل ملمومين ليهم جمعة, كل مرة تزيد حاجة, هاو مريول لبوك, هاو صباط للأختك, هاو لعبة لولد أختك.. تهز الفاليجة وتقصد ربي.


تحطّ الطيارة في مطار تونس قرطاج, المطار اللي عام التالي كنت تكرهو، اليوم صار أحسن بلاصة في الدنيا.

تغـزر للعباد, تسمع اللهجة التونسية, ماكش مصدق اللي انت رجعت.. قلبك باش يخرج من بلاصتو وأنت قاعدة تستنى في الفاليجة.. "تي أنا ستنيت عام باش ما نستناش دقيقتين؟" تجي الفاليجة, تمسح دموعك وتخرج من الباب..

أمك وبوك والعائلة الكل تستنا فيك, ماتعرفش شكون تبدا تعنق الأول, تعنقهم الكل فرد مرة.. وتسمع كان كلمتين؛ "بنتي سمنت تبارك الله" وإلا "بنتي تسْلتِـت, معادش فيها ما يترى"

تخرج من المطار, تركب في الكرهبة, تحس اللي كل شيء تبدل, الكياس معادش تعقلو, الكراهب مش كيف، تي حتى من الشجر تبدلو عليك, معادش تعرف شيء, حتى روحك معادش تعرفها.


يتعداو الأيامات تقول دقايق, ويجي وقت المرواح مرة اخرى.. مرة اخرى مالازمكش تغْزر للعينين حد, ومرة اخرى لازمك توعد أمك اللي انت باش تحاول تجي العام الجاي.. ممكن تجي كيفما ممكن ما تجيش.


ماللي كان اسمك هلال رمضان.. تولي كيفك كيفما السنة الكبيسة.


وللحديث بقية



 
 
 

4 Comments


Ameni Chebaâne
Ameni Chebaâne
Sep 16, 2018

Oh bakitni c touchant ;(

good luck inchallah rabi m3ak :)

Like

amine.mechri
Aug 31, 2018

https://www.youtube.com/watch?v=Vw49oiFeeWM

Like

Wiem Yaacoub
Wiem Yaacoub
Aug 30, 2018

ما ننجمش نعلق 😢😢😢😢

Like

Soumeya Yacoub
Soumeya Yacoub
Aug 30, 2018

صحيح كلامك بالاخص حكاية كتشري حاجات للعاللعايلة ، i love it , good job

Like

© 2023 by NOMAD ON THE ROAD. Proudly created with Wix.com

bottom of page